مرّ عام بأكمله علي العام الأول من الجامعة .. طالت لحظات الإرتباك التي كانت تُحيط به منذ دخوله الأول الي هذا المكان المفتوح ، المختلف ،ولكن اكتشف مع الوقت ان هذا الإحساس بلا جدوي ،فلا أحد يعبأ به ! .. وقعت بين يديه مجلة طلابية كانت تُوزع من حوله بمناسبة -كما يقولون اصحابها- "عاماً جديداً من النضال" ،كانت تتحدث عن الحريات الطلابية واستقلال الجامعات ،أخذ يتفحصها بعناية او بلا مبالاة .. ايماناً منه بالقضية او لكسر هذا الملل .. اياً ما كان ! .. اخذ يتأمل صور واسماء من الطلبه تملأ تلك اخذ المجله وظل يفكر بعدها في جدوي كل هذا..
هل سيفرج عن "الطلبة المعتقلين" الذين يملأون اوراق المجلات وجدران الجامعه باسمائهم ! ، أم سيلحقون بهم !! .. كان هؤلاء الشباب يملأون المكان بحضورهم واصواتهم ،ظل يراقب تحركاتهم السريعة ،أصواتهم المرتفعة ،وقوفهم الذي يبدو فيه علي بعضهم شموخ -او هكذا حاولوا ان يبدو- عند رؤية الطلاب لهم او لإلتقاط الصور .. وفي حضرة هذا المشهد تذكر عندما كان صغيراً
ولم يكن بعد طالباً جامعياً ،عندما كان يحلم بمثل تلك الثقه ،ان يعلم ماذا يفعل في هذه الحياة وماذا يريد منها .. ولكنه حتي الآن لايعلم لم هو في هذا المكان ؟! وماذا يفعل ؟! .. مازالت تساؤلاته كما هي ولكن توقف عن التفكير ظناً منه انه اصبح بلا جدوى ،بلا حل ! .. رأي هؤلاء الشباب في ثقتهم بما ينطقون .. في احلامهم واضحة المعالم .. في افكارهم الراسخة في اذهانهم .. في مبادئهم الواضحة كنور الشمس .. كل هذا في مقابل خطواته المرتبكة ،لطالما اراد ان يكون لحياته جدوي ومعني ! "انا اريد الإنضمام اليكم "! كان هذا ما قاله لهؤلاء الشباب ! .. قرر ان تكون لحياته معني -ولو كان اي معنى- !! والآن هنا في مثل هذا المكان ! .. وقد مرت سنوات اخري ،اعوام من النضال كما يسمونها هم او ايا ماكانت التسمية .. ينظر لنفسه ويتسائل : أين هو الآن ! .. أكان فصلا جديدا في قصته ،ام كان بابا جديدا من تلك المتاهة !